ar
Books
مصعب قاسم عزاوي

صيرورة الإنسان العاقل

  • عبد الرحمنhas quoted3 months ago
    أشرنا إليه آنفاً. والحقيقة العلمية الثابتة هو أن معدلات التباين المورثي بين أي شخصين من بني البشر هو أقل مستويات التباين المورثي بين أفراد أي نوع من الأنواع الحية الأخرى التي لا بد من اختلافات طفيفة في بناها الوراثية لتتكيف كل مجموعة منها مع شروطها البيئية والحيوية، وهو ما أنتج في جنس الخيول على سبيل المثال أحصنة ضخمة، وأخرى ضئيلة ناحلة، أو ممشوقة كالأفراس العربية، أو كثيفة الشعر كما في الأحصنة في شمال الكرة الأرضية تكيفاً مع مناخها القارس، دون أن يستقيم النظر إلى أي منها حميراً نظراً للت
  • عبد الرحمنhas quoted3 months ago
    شخصيته الخاصة ومزاياها الفريدة، والتي لكل منها فائدة لا يستغنى عنها في حماية استمرار عيوشية المجموعة البشرية التي ينتسب إليها أولئك البشر. فكل مجموعة بشرية كانت بحاجة إلى جسورين، ومتعقلين، وصبورين، وحتى مترددين، ومتكاسلين ليكونوا مثالاً لغيرهم لعدم السعي في طريقهم. وذلك الفهم الأخير لا بد منه ليس فقط لإسقاط وتهشيم الفكر العنصري الهرائي التلفيقي الذي لا يستند إلى أي حقيقة علمية، وإنما لأجل إسقاط ذلك النموذج البائس من الداروينية الاجتماعية Social Darwinism، والتي كانت نهجاً فكرياً يستند إلى فهم سطحي وانتقائي وخبيث ينافي جوهر نظرية داروين عن التطور والاصطفاء الطبيعي، متكئاً
  • عبد الرحمنhas quoted3 months ago
    البشر المعاصرين في عموم أرجاء المعمورة شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً لا يغير من حقيقة كونهم سلالة مجموعة بشرية سكنت شرق القارة الأفريقية منذ حوالي مائتي ألف عام، تراكمت بين أفرادها طفرة حصلت بشكل عفوي في صبغيات أحد أفرادها، و من ثم أصبحت صفة عمومية في كل المنتسبين إليها بعد عدة أجيال نظراً لما قدمته للحاملين لها من مزايا تفاضلية تكيفية على أقرانهم، تمثلت أساساً بالقدرة على التصويت والكلام وتخليق اللغة والأفكار، وهي التي كانت المقدمة لنهوض بني البشر من نوع الإنسان العاقل Homo sapiens ليصبحوا بقوة الاصطفاء الطبيعي الجنس البشري الوحيد الذي يسكن كوكب الأرض راهناً، وهو ما يؤكده علم المورثات الحديث الذي يؤكد أن نسبة التطابق الوراثي بين أي شخصين من البشر من أي موقعين جغرافيين من كوكب الأرض هو 99.9%، وأن نسبة الاختلاف
  • عبد الرحمنhas quoted3 months ago
    من الحلول محل أسلافهم من أنواع البشر الأخرى سواء عبر الاستيلاء على مصادر قوتهم، بالاستناد إلى قدراتهم الأعلى في التخطيط والتنسيق والتعاون باستخدام اللغة، أو عبر التزاوج معهم، الذي أدى إلى تقهقر مورثات كل الأنواع البائدة من البشر التي لم تتحلى بالميزات التفاضلية الاستثنائية التي تمتع بها بنو البشر من نوع الإنسان العاقل وأهمها القدرة على الكلام وما يستتبعها من قدرات للتواصل اللغوي، والتواصل والتنسيق والتخطيط الجمعي، والتفكير والتحليل، إذ أن اللغة هي وسيط للتفكير أساساً أكثر من كونها وسيلة محضة للتواصل بين البشر، وهو ما أنتج ما يمكن النظر إليه من القدرة الفائقة للبشر المعاصرين على التفكر والاستنباط والإبداع والعمل الجمعي المشترك الذي مكنهم في المآل الأخير من التربع على عرش مملكة الحيوانات، وصولاً إلى تحوير كوكب الأرض إلى درجة أصبح فيه علماء الجيولوجيا الأرضين يدعون الحقبة الجيولوجية لكوكب الأرض راهناً بعصر الإنسان Anthropocene.
    وقد يكون الاستنتاج الأكثر إلحاحية بعد تفهم واستبطان جوهر آلية عمل الاصطفاء الطبيعي في تطور الأجناس الحية هو التهاوي والسقوط الكلياني لكل النظريات والتصورات العنصرية التي لا أ
  • عبد الرحمنhas quoted3 months ago
    الضرورية لنشوء اللغات، وزيادة قدرة البشر على التنسيق والتخطيط فيما بينهم، وزادت من قدرتهم الجمعية على الحفاظ على حياة المجموعات البشرية التي ينتسبون إليها، والتي كانت في معظمها وحتى نهاية العصر الجليدي الأخير منذ حوالي اثني عشر ألف عام، مجموعات صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها المائة وخمسين شخصاً، هم فعلياً أسرة موسعة تنظمها قرابة الدم والرحم الحقيقية فيما بينهم.
    وهي اللغة، وزيادة حجم دماغ بني البشر الحاليين من نوع الإنسان العاقل ما مكن البشر المعاصرين من نوع الإنسان العاقل Homo
  • عبد الرحمنhas quoted3 months ago
    الحية والاصطفاء الطبيعي، مقدمة ضرورية لا بد منها لفهم صيرورة حلول بني البشر الحاليين من نوع الإنسان العاقل Homo sapiens محل أسلافهم من أنواع البشر التي سبقتهم، والتي لم تكن عملية فجائية، وإنها عملية تدريجية كان جوهرها تلاقي واختلاط البشر خلال عملية انتقالهم وترحالهم في أرجاء البسيطة، كان ناتجها الأساسي هو حلول الأنماط البشرية الأكثر تكيفاً مع متطلبات شروطها البيئية والحيوية، والتي تمثلت أساساً في أولئك البشر الذين تمتعوا بأدمغة أكبر من الناحية الحجمية، وهو ما يتفق مع صيرورة نمو أدمغة بني البشر على امتداد سبعة ملايين من السنين من حوالي 300 سنتيميتر مكعب في أسلاف البشر الأوائل إلى حوال 1450 سنتيميتر مكعب في البشر الحاليين، بالإضافة إلى الميزة التفاضلية الاستثنائية للطفرة المورثية التي حدثت في مورثة FOXP2 في تاريخ يعود لحوالي مائتي ألف عام مضت، وهو
  • عبد الرحمنhas quoted3 months ago
    وهو ما يعني بأن البشرة الداكنة صفة مورثية إيجابية تمكن حاملها الذي يعيش في المناطق المشمسة الأقرب لخط الاستواء من تحقيق ميزة تفاضلية على أقرانه من ذوي البشرة الفاتحة نظراً لتمكنه من الحصول على احتياجاته من فيتامين D بشكل ملائم، بالإضافة لحماية نفسه من وبال سرطانات الجلد القاتلة التي تكاد معدلات حدوثها عند البشر ذوي البشرة الداكنة أن تكون شبه صفرية. وذلك الفهم الأخير للميزة التفاضلية لتحلي بني البشر في شرق القارة الأفريقية مهد بني البشر الحاليين ببشرة داكنة يمكن سحبه على آلية الاصطفاء الطبيعي التي أدت ببني البشر لاكتساب بشرة فاتحة شاحبة حينما بدأ البشر منذ حوالي 70000 سنة خلال العصر الجليدي الأخير بالتحرك من القارة الإفريقية شمالاً عبر وادي النيل وشبه جزيرة سيناء ومنها إلى بلاد الأناضول ومنها إلى عموم أرجاء القارة الأوربية بحثاً عن مصادر الطعام الشحيحة إبان العصر الجليدي الأخير، في
  • عبد الرحمنhas quoted3 months ago
    وهو نسق يعيد كل عاقل حصيف فعلياً إلى ذلك النهج الأخلاقي والموضوعي والعلمي في آن معاً لاعتبار كل بني البشر أخوات وإخوة من الناحية المورثية كحد أدنى، وهو ما يتفق مع الكشوفات الأحفورية والأنثروبولوجية التي ترجع جميع بني البشر الراهنين إلى عدد لا يتجاوز بضع مئات من الأسلاف عاشوا في شرق القارة الأفريقية خلال العصر الجليدي الأخير منذ حوالي 70000 سنة تقريباً.
    وإن العنصر الأساسي الناظم في عملية تطور الأجناس والكائنات الحية هو الطفرات المورثية التي تحدث بشكل عفوي خلال عملية الإلقاح وتشكل الأجنّة، وتؤدي إلى تغيرات معينة في الشيفرة الوراثية للجنين تنتج لاحقاً تغيرات بنيوية أو وظيفية في جسده تدعى علمياً التغايرات في النمط الظاهري للكائن الحي. وهي التي سوف يتم اصطفاؤها طبيعياً بعد ذلك وفق قانونية الاحتفاظ بالطفرات العفوية الحدوث وما ينتج عنها من تغيرات في النمط الظاهري للكائن الحي إن كانت تؤدي إلى زيادة فرصه في التكيف الفاعل بشكل أكثر كفاءة مع الشروط البيئية والحيوية المحيطة به، وبالتالي زيادة فرصه في البقاء على قيد الحياة، وبالتالي التزاوج وإنجاب ذرية من بعده تمثل الحامل لمورثاته التي أثبتت كفاءة أكثر في التكيف مع متطلبات المحيط البيئي والحيوي. وكمثال على الطفرات العفوية الإيجابية يمكن الإشارة إلى مورثة FOXP2 التي تختلف في بنيتها عند البشر عن تلك الموجودة في أبناء عمومتهم من الأوليات من قردة البانوبو والشمبانزي وغوريلا الجبال والسعلاة Orangutan ببعض المتتاليات الزائدة التكرار في نهايتها فقط.
  • عبد الرحمنhas quoted3 months ago
    الأفراد المنتسبين إليها من نمط Australopithecus afarensis في حقبة زمنية غابرة عمرها ما يقارب السبعة ملايين من السنين، وهو السليف الذي تطور في منطقة شرق أفريقيا ومنها يعود إليه اسمه الذي ينتسب فيه إلى صحراء عفار في إثيوبيا الحالية. وهو نوع أسلاف البشر الذي تلاه أنماط متعددة من
  • عبد الرحمنhas quoted3 months ago
    بد من الاعتراف بفضل ذلك النسق العلمي الأخير في النظر إلى كينونة الإنسان وأصلها البيولوجي التطوري المغرق في القدم، لإعادة التوازن الشاذ في علاقة بني البشر مع أقرانهم من الكائنات الحية القائم على الوحشية المنفلتة من كل عقال أخلاقي أو منطقي المتمثل في النظر إلى أن كل الكائنات الحية الأخرى مسخرة لخدمة ذلك الإنسان بشكل يتفق مع رؤيته للكيفية التي لا بد أن تعمل بها الطبيعة وكل من قدر له أن يكون جزءاً عضوياً أو بيولوجياً منها لخدمته، بينما هو الإنسان نفسه في الواقع ناتج بيولوجي صرف لصيرورة التطور والاصطفاء الطبيعي الممتدة على بضعة ملايين من السنين، ولما تتوقف بعد، ولن تصدأ عجلتها أيضاً في قابل الأيام، وأن كل الكائنات الحية البائدة فيها، و تلك التي تحتضر قاب قوسين أو أدنى من الانقراض بسبب عسف بني البشر، وغيرها من تلك التي لم تسلم شرورهم بشكل مباشر أو غيره، أس
fb2epub
Drag & drop your files (not more than 5 at once)